« أخبرني يا من تحبه نفسي أين ترعى؟ أين تربض عند الظهيرة؟ ... إن لم تعرفي.. فأخرجي على آثار الغنم » (نش 7:1،
لم يَقـُل العريس لعروسه إنه في هذا المكان أو ذاك، بل قال لها « أخرجي » فنحن لن نعرف أين يرعى حبيبنا وأين يربض قبل طاعتنا له وقبل انفصالنا إليه. وعندما ننفصل ونخرج فإنه سيدرب الودعاء في الحق، ويعلم الودعاء طرقه (مز9:25) .
قديماً دعا الله أبانا إبراهيم للخروج من أرضه ومن عشيرته، ولم يحدد له المكان، بل قال له « إلى الأرض التي أُريك » (تك1:12) . فلما أطاع وخرج، حينئذ ظهر له الرب، وبنى إبراهيم مذبحاً للرب الذي ظهر له. وبعد ذلك عندما ارتقى إيمانه وتعلـَّم شيئاً عن السجود المؤسس على الذبيحة، فإن الرب أيضاً لم يذكر له شيئاً عن المكان قبل الخروج طاعة لأمر الرب « خـُذ ابنك وحيدك الذي تحبه اسحق واذهب إلى أرض الـمُريا وأصعده هناك محرقة على أحد الجبال الذي أقول لك » (تك2:22) .
وفى العهد الجديد لما سأل الرب اثنان من تلاميذ المعمدان « يا معلم أين تمكث » فإنه لم يذكر لهما اسم الشارع بل قال لهما « تعاليا وانظرا » (يو38:1،39). وبعد ذلك عندما سأل التلاميذ الرب قائلين له: أين تريد أن نمضى ونعد لنأكل الفصح، فإنه قال للتلميذين « اذهبا إلى المدينة فيلاقيكما إنسان حامل جرة ماء اتبعاه » (مر12:14،13). فالمسألة تحتاج إلى تدريب روحي « اتبع.. الإيمان .. مع الذين يدعون الرب من قلب نقى » (2تى22:2)
يقول العريس هنا « أخرجي على آثار الغنم ». فنحن بكل يقين لسنا الرواد الأوائل في هذا الطريق، بل قد سبقنا إليه الكثير من خراف الرب الأعزاء. هذا يذكّرنا بكلمات الرب الغالية في سفر إرميا « قفوا على الطرق وانظروا واسألوا عن السُبل القديمة ». وهذه الوقفة وهذا التساؤل يدل على الأشواق الصادقة، الأمر الذي يقدره الرب في القديس. ثم يستطرد الرب قائلاً « أين هو الطريق الصالح وسيروا فيه فتجدوا راحة لنفوسكم » (إر16:6) . ولا زال الرب ينتظر منا أن نسأل عن السُبل القديمة، ونخرج على آثار الغنم!
والعريس قبل أن يقول للعروس هنا « أخرجي » كان سبق وأدخلها إلى حجاله (ع4). ونفس الشيء نجده في الرسالة إلى العبرانيين، فقبل أن يحرضنا الرسول على الخروج إلى المسيح خارج المحلة، كان قد ذكر لنا امتياز الدخول إلى الأقداس (عب19:10، 13:13)