تتباين الآراء حول هذا الموضوع بين الاعتراض والقبول، وربما يكونهذا بسبب التأثّر بالأفكاروالتقاليدالاجتماعية. وبلا شك أن الشخص الناضج روحياً وإنسانياًيستطيع أن
يميّز ما يليق وما لا يليق، آخذاً في اعتباره نظرة المجتمع من حوله وهيتختلف من مكانٍ لآخر. ولا يغيب عن ذهنه أنه يعيش ويسلك أمام الله باحثاً عن فكرهومشيئته في حياته.
لكننا نريد تقييماً واقعياً للموضوع من كل جوانبه الروحية والنفسيةوالاجتماعية. وفي البداية، دعنا نقّدم تعريفاً محدّداً للصداقة.
ما هي الصداقة بين الشاب والشابة؟
إنها نوعٌ من الزمالة الراقية ( ولا أكثر من ذلك ). وهي غير قاصرة على شخصٍ واحد، بل تتجه لأكثر من واحد. وهذا التعدّد يميّز علاقةالصداقة عن علاقة الميل العاطفي، مع ملاحظة أن الصداقة تُعد خطوةً نهائية في حالةصداقة شاب لآخر، لكنها خُطوة قد تقود لخطواتٍ أخرى أعمق إن كانت بين شاب وشابة. لذاعلى الشاب الذي يريد أن يحتفظ بالعلاقة على مستوى الصداقة أن يُراعي ذلك في تعاملهمع صديقته.
وهناك بعض المبادئ الهامة التي ينبغي مراعاتها فيالصداقة بين الشاب والشابة:
.الاحترام المُتبادل: فلا يمكن أن يُصادق1- الشاب شابة وهو يعتبرها أقل منه ولا يستطيع أن يتعامل معها صحيحاً إن كان يحتقرالجنس الآخر. فالمبدأ الأساسي في التعامل بين الجنسين هو أن الرجل ليس أقل منالمرأة ولا المرأة أقل من الرجل ( 1كو 11: 11). فالمرأة لا تقل عن الرجل عقلاً ولاديناً بل هي مساوية له تماماً. فقد خلقها الله لتكون معيناً للرجل، لحم من لحمهوعظم من عظامه.
. إذا كان للشاب مجموعة من الأصدقاء، فعليه أن2- يتعامل مع الجميع بأسلوبٍ واحد، وبخاصة مع الشابات، لأن التمييز بين فتاةٍ وأُخرىيوجد النميمة ويثير الأقاويل. فما دامت العلاقة على مستوى الصداقة فلابد من التعاملمع الكل على نفس المستوى.
. ينبغي عدم المبالغة في لفت الأنظار. فالشابة3- لتي تلبس ملابس مُلفتة للأنظار، والشاب الذي يُكثر من التهريج، ينزلان بمستوىالصداقة إلى مُستوى أقل أو يدفعان الصداقة إلى مستويات أخرى لا تتناسب مع جمالالصداقة، وهذا لا يليق بقدّيسين.
من الأليّق تجنّب تقديم الهدايا في 3- لمناسبات. إذ أن الطرف الآخر قد يفسّر الأمر تفسيراً مخلتفاً عمّا في ذهن منقدّمها. كما أنه من الأفضل عدم كتابة الخطابات كُليةً.
. أفضل إطار للصداقة الراقية السليمة هو إطار5- الجماعة. فالحديث للجماعة كلها والوقوف بين الجماعة والنزهة مع الجماعة، كلها أمورلازمة لحفظ الصداقة في وضعها الصحيح. أما الانفراد مع شخص معيّن وتوجيه الحديث إليهوحده واختصاصه بالزيارة، كلها أمور تحوِّل الصداقة عن هدفه
ا
لكن، ماذا عن فوائد الصداقة بين الشاب والشابة؟
يظن البعض أنها للتسلية وملء الفراغ، والبعض الآخريعتقد أنها الوسيلة للزواج، لكنها تختلف عن هذا. إذ إنها علاقة راقية لها أهدافعديدة:
الصداقة تتيح للشباب إمكانية التعرّف بأقرانهممن الجنس الآخر والتدرّب على التعامل معهم. -1
فهناك فوارق في التكوين الشخصي النفسي بين الرجلوالمرأة ( حتى أن الكتاب يُسمّي المرأة الإناء الأضعف). وعدم معرفة خصائص كلٍ منالرجل والمرأة الناتج من قصر الصداقة على من هُم من ذات الجنس، يجعل من الشخصإنساناً ضيق الأفق قليل الخبرة في التعامل مع النوعيات المختلفة من الناس. وهذاسيؤثر بصورةٍ أو بأخرى على الجوانب الروحية والاجتماعية في حياته، فسيكون نفعه فيمجال الخدمة الروحية محدوداً كما ستعوزه الخبرة "الفطنة" (1 بط 3: 7) في التعامل معشريك حياته. وهل تظنون أن قلة الخبرة أو انعدام المعرفة شئ يتفق والحياة المسيحية؟لقد قال الحكيم: "أيضاً كَوْن النفس بلا معرفة ليس حَسَناً" ( أم 19: 2).
الصداقة مع الجنس الآخر تساعد على نمو الشخصيةنمواً صحياً - 2-.
إن شخصية الإنسان لا تنضج في يومٍ وليلة، بل تحتاجلسنواتٍ طويلة وتدريباتٍ كثيرة. ونضوج الشخصية لا يعني الخلو من العيوب، فهذامستحيل. لكنها تعني أن الشخص يعرف حقيقة نفسه ويُدرك نقائصه. وأحد العوامل التيتساعد على ذلك التدرّب على التعامل الصحيح مع الجنس الآخر؛ إذ من خلاله يتعرّفالشخص على نقائص الطرف الآخر. وهذا يساعد على أمرين:
أولاً:أن يكوِّن فكرة واقعية عن الطرف الآخر،فلا يكون إنساناً خيالياً عائشاً في الأوهام - كما يحدث مع الكثير من الشباب.
ثانياً:أن يعرف ضعفاته الشخصية، فيكون أميناًفي تقييمه لذاته ولا يُغالي في تقديره لنفسه. ولقد حذّرنا الكتاب من خطورة الجهلبأنفسنا: " أ رأيت رجُلاً حكيماً في عَيْني نفسه. الرجاء بالجاهل أكثر من الرجاءبه" ( أم 26: 12).
الصداقة مع الجنس الآخر تتيح مجالاتللخدمة -:3
هذا يمكن أن يفهمه الناضجون الذين يفكّرون بطريقةٍصحيحة فيسألون أنفسهم: " كيف يُمكن أن أساعد صديقي ( صديقتي) روحياً؟ بدلاً من أنيكون السؤال: "ما الذي يُمكنني أن أحصل عليه من وراء هذه العلاقة؟". لقد قال أحدهم: " إن الذات ترغب في أن تُخدم أما المحبة الحقيقية فتُسر أن تَخْدِم."
ومتى كان الشخص ناضجاً، فإن هذا المفهوم الروحي يمكنأن يؤدي لنفعٍ حقيقي من خلال صداقة مع الغير. وإن كنا نعيش في حضرة الرب، وهدفناخدمته، وسلوكنا يتصفّ بالجدية، فإن هذا سيعطينا نظرةً صحيحة للصداقة وسيحفظنا من كلاتجاه جسدي رديء. " كل شئ طاهر للطاهرين وأما للنجسين وغيرِ المؤمنين فليس شئٌطاهراً بل قد تنجّس ذهنهم أيضاً وضميرهم" ( تي 1: 15).
فائدة أخرى هامة جداً وهي أن الصداقة تعطينا 4- فكرةً واقعيةً عن نوعية الشخص الذي نحتاجه كشريك للحياة.
فمن الأهمية بمكان أن يُدرك الإنسان عند الارتباط أنهلا توجد شخصية واحدة كاملة خالية من النقائص والعيوب. هذا الفكر سيمكِّن الشريكينمن قبول أحدهما للآخر والتعايش معاً في سلام رغم وجود النقائص ( رو 15: 1، 7). أمامَن ليس له دراية بهذا الأمر فسيُصدم بنقائص شريك الحياة، وعند حدوث أي خلافسيتساءل: " تُرى هل شريك حياتي هو الشخص المُناسب لي أم أني أخطأت الاختبار؟ ويا لهمن فكرٍ مزعج.
لكني أقدّم هنا كلمة أشعر أنه لابد منها لكل شاب يريدالارتباط: ضع نُصب عينيك دائماً قول الكتاب " توّكل على الرب بكل قلبك وعلى فهمك لاتعتمد. في كل طرقك اعرفه وهو يقوِّم سُبُلك" ( أم 3: 5، 6).
إن الكتاب لا يطالبنا أن نلغي فهمنا ولا نستعمل عقلنا،بل يوصينا ألا نعتمد عليه. بمعنى أن الفهم البشري والمنطق الإنساني بمفرده لا يصلُحلاتخاذ القرار. إننا بلا شك نستخدم العقل في تحديد مشيئة الله لحياتنا، لكنه العقلالخاضع لكلمة الله، والحسّاس لقيادة روحه لا المستقل عنه. إذاً ليكُن اتكالنا علىالله كُليةً فهو وحده العارف القلوب، وهو القادر أن يقودنا لاتخاذ القرار الصحيح. " وتطلبونني فتجدونني إذ تطلبونني بكل قلبكم. فأُوجَد لكم" ( إر 29: 13 ،14).
الرب يحافظ عاليكم ويبارككم
منقووووووول