الإصحاح الثامن
على النقيض من الإصحاح السابق نصل هنا للتأمل في الحكمة ونميز شخص المسيح اللوغوس وراء كلمة الحكمة. المسيح الذي يحاول أن يجذب كل نفس إليه لتترك طريق الجهل وتسلك طريق المعرفة والفهم. نصل في هذا الإصحاح إلى ذروة السلسلة عن الحكمة والحديث عن الحكمة. ونجدها في صورة مخالفة تماماً للمرأة الشريرة، فهذه أسلوبها ملق مخادع وحبها فاسد يقود للموت. أما الحكمة فهي تنادي بكل جلاء ووقار في الأماكن العامة، تدعو كل الناس أن يقبلوها وتعلن لهم أن من يقبلها تكون هناك كنوز من نصيبه. ولقد أجمع معظم المفسرين أن هذا الإصحاح يتكلم عن المسيح أقنوم الحكمة، وهذا هو تفسير كنيستنا الأرثوذكسية لهذا الإصحاح. وفي الإصحاح آيات وعبارات لا يتحقق معناها الكامل إلا في المسيح قوة الله وحكمة الله فهو حكمة الله المشخصة أو المتجسدة (1كو24:1 + لو49:11) وفي (لو49:11) نرى حكمة الله شخصاً يرسل الأنبياء للعالم.
الآيات (1-11): "ألعل الحكمة لا تنادي والفهم ألا يعطي صوته. عند رؤوس الشواهق عند الطريق بين المسالك تقف. بجانب الأبواب عند ثغر المدينة عند مدخل الأبواب تصرح. لكم أيها الناس أنادى وصوتي إلى بني آدم. أيها الحمقى تعلموا ذكاء ويا جهال تعلموا فهماً. اسمعوا فأني أتكلم بأمور شريفة وافتتاح شفتي استقامة. لأن حنكي يلهج بالصدق ومكرهة شفتي الكذب. كل كلمات فمي بالحق ليس فيها عوج ولا التواء. كلها واضحة لدى الفهيم ومستقيمة لدى الذين يجدون المعرفة. خذوا تأديبي لا الفضة والمعرفة اكثر من الذهب المختار. لأن الحكمة خير من اللآلئ وكل الجواهر لا تساويها."
الحكمة تنادي= الحكمة تدعو الجميع، كل بنى آدم، وتستميل الناس، وهي تقنعهم حتى يأتوا (مت1:22-14). ودعوة الحكمة لنا لها وسائل متعددة، أولاً بصوت الكتاب المقدس، وصوت خدام الله، وتبكيت وتعليم الروح القدس، وإن لم يأتي كل هذا بنتيجة فهناك الإنذارات والضربات للتأديب، فالله له وسائلة المتعددة. وهكذا كان المسيح ينادي الجميع (يو37:7) فالحكمة هي المسيح. والمسيح ليس بعيداً عن أحد بل هو في متناول الجميع (رو6:10-9 + تث11:30-14)
عند رؤوس الشواهق= ناموس موسى، استلمه موسى على جبل، والمسيح علّم على الجبل أهم تعاليمه (عظة الجبل). وهكذا طلب من اللاويين أن يصرخوا بصوت عالٍ (تث14:27) ليسمع الجميع، وطلب من التلاميذ أن يبشروا ويكرزوا للجميع. وهذا عكس المرأة الشريرة التي عند كل زاوية تكمن (12:7). ولاحظ أن الحكمة تتكلم عند رؤوس الشواهق فهي تجذب من يستجيب للسماويات. عند الطريق بين المسالك تقف= لتجذب كل الناس وترشد الناس حينما يختلط عليهم الطريق الصحيح، وحيث تتشعب المسالك ترشد الحكمة للطريق الصحيح. ولاحظ أن المسيح هو الطريق. بجانب الأبواب= حيث يجتمع الشيوخ داخل المدينة. عند ثغر المدينة أي خارج المدينة، فالدعوة هي في كل مكان. وهكذا المسيح تكلم علانية (يو20:18). والحكمة لا تنتظر أن يأتي إليها الناس، بل هي تذهب لكل واحد، ترشد الكل للطريق الصحيح، وإن ضل أحد في طريق شرير ترشده ليتوب. ويعود لطرقها الشريفة= وأصل كلمة شريفة هو الشئ الخاص بالأمراء، ليعود الضال كما يليق بأولاد الله. كل كلمات فمي بالحق= كثيرين يرفضون كلمات الله، ربما لعدم الفهم، أو لأنهم لم يجربوا قوتها وفائدتها، والله يشدد أن كلامه بالحق وما علينا سوى أن نصدق ونجرب فنختبر أنها حق فعلاً، ولكن علينا أن نتضع أمام كلمة الله فنعرف أنه لا عيب فيها مطلقاً وسنكتشف أن العيب فينا نحن، بل سنكتشف أن كلمة الله أثمن من كنوز الدنيا. كلها واضحة لدى الفهيم= قارن مع (مت16:13) فكلمة الله واضحة لكل عين مفتوحة، أما الأشرار فلقد أغلقت الخطية عيونهم وصاروا غير قادرين على الفهم.
الآيات (12-21): "أنا الحكمة اسكن الذكاء وأجد معرفة التدابير. مخافة الرب بغض الشر الكبرياء والتعظم وطريق الشر وفم الأكاذيب أبغضت. لي المشورة والرأي أنا الفهم لي القدرة. بي تملك الملوك وتقضي العظماء عدلاً. بي تترأس الرؤساء والشرفاء كل قضاة الأرض. أنا احب الذين يحبونني والذين يبكرون إلىّ يجدونني.عندي الغنى والكرامة قنية فاخرة وحظ. ثمري خير من الذهب ومن الإبريز وغلتي خير من الفضة المختارة. في طريق العدل أتمشى في وسط سبل الحق. فأورث محبي رزقا وأملأ خزائنهم."
أسكن الذكاء= أي الحكمة والذكاء موجودين معاً. والذكاء هو القدرة على التمييز. ومن يقتني الحكمة يظهر هذا في سلوكه في وسط العالم (2كو12:1). وهذا عكس من يسلك سلوك شهواني. أجد معرفة التدابير= التفكير السليم والمشورة الصالحة. مخافة الرب بغض الشر= الحكمة مرتبطة مع مخافة الرب، أي كراهية فعل الخطية، نكره الخطية ليس عند الآخرين بل نكره خطايانا. ولا يمكن كراهية الشر إلا لمن أحب المسيح. الكبرياء والتعظم.. أبغضت= هذه صفات المسيح، فهو وحده الكامل بلا خطية.
والآيات (14-17): هنا يتكلم المسيح الأقنوم الثاني، أقنوم الحكمة، فهو هنا يعلن سلطانه على الملوك= بي تملك الملوك= فالملك لا يملك إلا من عند الله (رو1:13،2 + دا 32:4). وهذا دليل أن الحكمة التي تتلكم هنا ليست سوى المسيح ملك الملوك فضلاً عن هذا فإن الملك التقي يكون مملوءاً حكمة كسليمان، فمن يملك الله عليه يملك جيداً على شعبه. أحب الذين يحبونني= نحن نحبه لأنه هو أحبنا أولاً، ومن يطلب الحكمة يطلب الله فيعطيه الروح القدس المحبة (رو5:5). بل نرى هنا أن الروح القدس يسكب محبة الله في قلوبنا، وكلما إزدادت محبة الله في القلب نكتشف محبته لنا ويزداد إحساسنا بمحبته التي تحصرنا، وهذا يدفعنا أن نحبه بالأكثر. والبداية أن نطلب الحكمة التي تكشف لنا الطريق، طريق كراهية الشر، فهي ترينا نتائجه فنكرهه وحينما نكرهه نطلب الله. والذين يبكرون إلىّ يجدونني= الذين يطلبونني في شبابهم المبكر مثل يوسف وصموئيل وداود يجدون كنوز حكمة في طريقهم. ونلاحظ أن سليمان الذي طلب الحكمة في شبابه أخذ غنى أكثر من أي واحد= عندي الغني والكرامة. فكل من يطلب المسيح في شبابه يكتسب حكمة وبركة في كل طرقه. وهذه الآية "الذين يبكرون إلىّ يجدونني= تنطبق أيضاً على من يبدأ يومه بطلب الله فيبارك له الله في هذا اليوم ومن يذهب للكنيسة مبكراً يجد تعزية وفرح بالقداس والتناول. قنية فاخرة وحظ= كلمة فاخرة لم تأتي سوى هنا ومعناها موروثة أو أثرية، فعطايا الله لكل من يطلبه هي دائماً وعبر العصور، أمانة الله نحو شعبه هي حقيقية موروثة يعرفها الكل. في طريق العدل أتمشى= الحكمة تقود أبنائها ومحبيها في سبيل الحق وتورثهم رزقاً. ولكن هذه الآية يمكن أن ننظر لها بمنظار آخر، فالمتكلم هو المسيح، وطريق العدل هو طريق الصليب، طريق دينونة الخطية. فكأن المسيح يقولها وهو حاملاً صليبه سائراً للجلجثة طريق عدل الله الذي يستوفيه ليورث كل محبيه ملكوت السموات (رو17:8 + مت29:19) فاورث محبيّ رزقاً= لقد صار المسيح رزقنا وخيرنا وغنانا وشبعنا ليس في الأبدية فقط بل وفي هذا العالم. هنا نجد المسيح فينا يرشدنا للطريق، يقودنا فلا نضل، يحمينا من ذكاء الحية ومن أن نضل وراءها، يرشدنا كيف نعمل الصالح لأنفسنا ولمن حولنا، هنا نجد الحكمة قد استعلنت فينا وتقودنا. نحن بذكائنا البشري قد نربك أنفسنا، ندبر كثيراً ويكون تدبيرنا لهلاكنا، أما المسيح أقنوم الحكمة فدبر مرة لخلاصنا ويدبر لنا العمر كله لنسير في طريقه.
الآيات (22-31): "الرب قناني أول طريقه من قبل أعماله منذ القدم. منذ الأزل مسحت منذ البدء منذ أوائل الأرض. إذ لم يكن غمر ابدئت إذ لم تكن ينابيع كثيرة المياه. من قبل أن تقررت الجبال قبل التلال ابدئت. إذ لم يكن قد صنع الأرض بعد ولا البراري ولا أول اعفار المسكونة. لما ثبت السماوات كنت هناك أنا لما رسم دائرة على وجه الغمر. لما اثبت السحب من فوق لما تشددت ينابيع الغمر. لما وضع للبحر حده فلا تتعدى المياه تخمه لما رسم أسس الأرض. كنت عنده صانعاً وكنت كل يوم لذته فرحة دائما قدامه. فرحة في مسكونة أرضه ولذاتي مع بني آدم."
من هنا نجد الكلام يتحول ليصير واضحاً تماماً أنه عن المسيح الكلمة ابن الآب، الذي كان في البدء عند الله، المساوي للآب في طبيعته وجوهره، الأزلى غير المخلوق فهو حكمة الله (1كو24:1). وبالتالي لا يمكن تصور أن الآب خلقه، فكيف يخلق الله حكمته، وبأي حكمة يخلق لنفسه حكمة. وهو قوة الله فكيف يخلق الله لنفسه قوة وهو بدون قوة. فالحكمة هنا يتضح أنه شخص له خصائصه وأعماله وليس مجرد صفة لله. لقد كان سليمان يكتب بوحي من الروح القدس، وهو كان يظن أنه يكتب عن الحكمة، وإذا به يكتب بوحي الروح القدس عن المسيح حكمة الله (1كو24:1)
الرب قناني= الفعل العبري "قنا" بنفس النطق العربي، وبنفس المفهوم تقريباً، فهو يفسر بأن الشخص إقتني شئ. إلا أن الترجمة السبعينية ترجمت الكلمة خلقني وهذه الآية اعتمد عليها أريوس بحسب الترجمة السبعينية ليثبت أن المسيح كان مخلوقاً، وقد خلقه الآب. والكلمة في العبرية "قنا" تحتمل الترجمة السبعينية فنص الآية بحسب السبعينية "الرب خلقتني أول طرقه" وهذا ما اعتمد عليه آريوس؟ إلا أن أثناسيوس الرسولي أثبت له أن الأصل العبري للكلمة تفيد معنى الولادة وكأن المعنى "الرب ولدني" والمعنى في العربية مشابه إذ نقول "فلان قنى ولداً" أي وَلَدَ ولداً. ويؤيد هذا التفسير بحث في معنى الكلمة من أحد علماء الغرب نُشِرَ في سنة 1926 (راجع مشكاة الطلاب صفحة 241،242 وكتاب تفسير الكتاب المقدس تأليف جماعة من اللاهوتيين برئاسة الدكتور فرنسيس دافدسن جزء3 صفحة 355) وعموماً يؤيد هذا الرأي من داخل الإصحاح آية23 حين يقول منذ الأزل، فولادة الابن من الآب أزلية. هو نور من نور، إله حق من إله حق، حكمة نابعة مولودة من الآب بها خلق الآب كل شئ. أما النص بحسب السبعينية حين قال "خلقني" ولأننا نعلم أن السبعينية تكمل المعنى العبري وتبلوره، فهي بهذا تشير لولادة المسيح من العذراء بالجسد. وفي هذا يقول ميخا النبي (مي2:5) "أنت يا بيت لحم منك يخرج لي الذي يكون متسلطاً ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل" ويكون المعنى الرب خلقني أول طرقه، أن المسيح تجسد من بطن العذراء بالروح القدس كأول طريق الخلاص الذي انتهى بالصلب والقيامة والصعود وإرسال الروح القدس. ولكن يسهل تصوُّر أن الابن أقنوم الحكمة لا يمكن أن يكون مخلوقاً. فلا يمكن وجود الآب فترة من الزمن بدون حكمة وبدون قوة، فأزلية الابن أقنوم الحكمة هي أزلية الله نفسه، والآية الرب قناني تصبح بأن الآب يقتني حكمة أزلية. وهنا يتضح التمايز بين الأقانيم فالآب يقتني والابن هو المُقْتَنَى. أول طريقه= الله لا يبدأ أي طريق أو أي عمل من أعماله إلا بالحكمة (أم19:3+ عب1:1،2 + كو13:1-16 + يو1:1-3). ولاحظ في البدء كان الكلمة والكلمة كان الله تشير للاتحاد. منذ الأزل مسحت= كلمت مسحت تعني ممسوح بالزيت ليكرس لعمل معين، كما كانوا يمسحون الملوك ورؤساء الكهنة. وقد تعني كلمت مسحت بهذا أن أقنوم الحكمة قد تخصص أو تعين لعمل الخلقة (يو1:1-3). ولكن هذه تشير لعمل المسيح الفدائي. فالابن تحدد له عمل الفداء منذ الأزل داخل المشورة الثالوثية. فالمسيح مُسِحَ أي تحدد له دور وعمل الفداء منذ الأزل، وهذا ما قاله معلنا بطرس (1بط18:1-20) والمسيح مُسِحَ ليكون ملكاً (مز6:2) وليكون رئيس للكهنة ليقدم ذبيحة نفسه. والمسيح أيضاً مُسِحَ أي تعيًّن ليكون دياناً للكل (أع42:10). ومن هنا نرى أزلية الثلاثة أقانيم. فالآب الماسح أزلي والابن الممسوح أزلي والروح القدس روح المسحة أزلي. والثلاثة أقانيم متساوون في الأزلية. منذ البدء= قد تشير إلى قبل تأسيس العالم، لكن كما رأينا هي تشير لما قبل ذلك، فهي تشير للأزل. منذ أوائل الأرض= أي منذ وضعت أسس الأرض. ومعنى الكلام أنه لا خليقة ولا أرض بدون المسيح، فعمل الخلق هو عمله، وسواء الخليقة الأولى أي السماء والأرض (تك1:1) أو الخليقة الجديدة بالفداء (2كو17:5) فهي عمله، هو خلق السماء والأرض وحينما سقط الإنسان جدد هو خلقته بل إن الله كخالق محب ظهرت صفاته هذه في خليقته.
إذا لم يكن غمر أُبْدِئْتُ= الغمر هو المياه الكثيرة. وكلمة أُبْدِئْتُ تشير للأزل، فما دمنا قد اتفقنا أن المسيح حكمة الله أزلى يكون قوله أبدئت ليس بمعنى أن الآب أبدأه أي خلقه بل تكون الكلمة بمعنى تعينت لهذا العمل أي عمله الخلقة، خلقة المياه.. الخ.
أول أعفار المسكونة= أول أتربة (ذرات تراب) المسكونة ولاحظ أن آدم الأول من التراب وآدم الأخير موجود قبل خلق التراب فهو ليس من الأرض (يو31:3)
دائرة على وجه الغمر= مقبب السماء الذي يحيط بالأرض الذي يُرى كالدائرة أو القبة.
تشددت ينابيع الغمر= ضبط مياه الجلد من فوق (السحاب) وحفظ مياه البحر من تحت.
كنت عنده صانعاً= فيه كان كل شئ.
كنت كل يوم لذته= الآب يحب الابن (يو20:5). والابن هو المحبوب (أف6:1). فهناك حب من الآب للابن، بل الآب هو مصدر الحب، فالله محبة، وهو ينبوع كل حب هذه الآية تظهر أن المحبة لدى الآب كانت تنصب في الابن قبل خلق الخليقة. بل نقول أن هذا يثبت أن الله ثالوث، فإن لم يكن هكذا، فالله لم يحب قبل أن يخلق الملائكة والبشر، وبالتالي يكون الله متغير، وهذا ضد صفات الله.
فرحةً دائماً قدامه= المحبة بين الآب والابن متبادلة، وهنا نرى سرور الابن بالآب.
فرحة في مسكونة أرضه= هنا نرى سرور الابن بخليقته "رأى كل شئ أنه حسن" (تك4:1،12) ففي خلقة السموات والأرض ظهرت محبة الله للإنسان وتجلت قدرته ومحبته والله يفرح حين يُظْهِرْ للإنسان أنه يحبه وأنه خلق العالم لأجله.
لذاتي مع بنى آدم= هنا نرى فرحة الابن بفدائه للإنسان. فالله يحب الإنسان وكانت فرحته في عمل الصليب الذي به يتمم أعمال محبته من نحو الإنسان الذي يحبه، فيكون للإنسان نصيبه السماوي. والآية تشير أيضاً للذة الآب في أبنه الذي تجسد وأطاع حتى الموت موت الصليب وهو في جسد بنى آدم ليكمل عمل الفداء الذي به إشتم الله رائحة سرور (تك21:8 + لا9:1،13،17).
الآيات (32-36): "فالآن أيها البنون اسمعوا لي فطوبى للذين يحفظون طرقي. اسمعوا التعليم وكونوا حكماء ولا ترفضوه. طوبى للإنسان الذي يسمع لي ساهراً كل يوم عند مصاريعي حافظا قوائم أبوابي. لأنه من يجدني يجد الحياة وينال رضى من الرب. ومن يخطئ عني يضر نفسه كل مبغضي يحبون الموت."
طالما كان الإنسان هو لذة الله، ومن أجله صنع العالم، نجد هنا دعوة للإنسان ليطيع الله، هي دعوة مؤسسة على هذا الحب. فالله يطلب الخضوع في ثقة لمحبته في مقابل محبته (والإنسان بخطيته تمرد على طاعة الله والمسيح أتى ليعيد خضوعنا لله ثانية، أي يعيدنا للصورة التي كان يريدها الآب (1كو28:15) المسيح هنا كرأس للكنيسة يقدم الخضوع) فالحكمة تنادي، أي المسيح ينادي ومن له أذنان للسمع فليسمع فيجد لنفسه حياة أبدية= من يجدني يجد الحياة= فالمسيح هو القيامة والحياة + (يو36:3 + يو51:8 + 1يو12:5) ومن يخطئ عني= هي عكس قوله من يجدني، ومعناها من بخطيته يرفضني ويحيد عني فأنا الطريق (لو30:7 + يو19:3،20 + يو22:15-25) ومن يحيد عن طريق الحياة فمصيره الموت. وهذا هو نفس التحذير في (تث18:18،19) عن المسيح أيضاً.
عند مصاريعي= نقف على أبواب الحكمة نسأل أن نتعلم، ومن يقرع يفتح له.. أسألوا تعطوا بل نقف على أبواب الحكمة نسأل بلجاجة كشحاذين يطلبون صدقة. وما نسمعه نحفظه في عقولنا وقلوبنا= حافظاً قوائم أبوابي= كان هذا عمل اللاويين، فهم كانوا ليلاً ونهاراً يسهرون على حراسة أبواب المسكن (حتى لا يدخل المسكن (هيكل الله) نجس) وهذا واجبنا نحو أنفسنا أن نسهر لنحرس قلوبنا من أن يتسلل داخلها أي نجاسة أو يتسلل منها إلى خارج كلمة الله وحكمته التي سألناه فأعطانا إياها.